فتاوى فضيلة الشيخ العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله حول المسعى المخترع عام 1429 هـ

السبت، 13 سبتمبر 2008

كلمة أخرى في توسعة المسعى

كلمة أخرى في توسعة المسعى

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

وبعد، فقد سبق أن كتبت كلمة بعنوان " بهذا يحصل الاطمئنان لصحة السعي بالتوسعة الجديدة للمسعى" ذكرت فيها أن السعي إنما يكون في المسعى القديم وأنه لا يجوز السعي في التوسعة الجديدة إلا إذا ثبت امتداد جبلي الصفا والمروة شرقا بمقدار هذه التوسعة.

وبعد كتابة هذه الكلمة قامت الصحف بنشر مقالات وتصريحات كثيرة لمن يعرف ومن لا يعرف فلذلك أحببت التنبيه إلى أمور.

الأول:

أن هذه المقالات والتصريحات جمعتها إحدى المجلات، وقد اطلعت على كثير منها وكلها تأييد لهذه التوسعة,وقليل منها يقول: إنها داخلة بين الجبلين وكثير منها ليس فيه الإشارة إلى تقييد التوسعة بكونها بين الجبلين وإذا ثبت بالبينة العادلة أن التوسعة الجديدة داخلة بين جبلي الصفا والمروة فإن السعي فيها صحيح،وإذا لم يثبت فإنه لا يصح ؛ لأنه سعي ليس بين الصفا والمروة.

الثاني:

جاء في بعض تلك المقالات والتصريحات أنه صدر صك من محكمة مكة يشتمل على شهادة شهود من كبار السن يشهدون بامتداد جبلي الصفا والمروة شرقا بمقدار هذه التوسعة أو أكثر، وقد اطلعت على صورة الصك وليس فيه إثبات وليس فيه إثبات شهادات، بل اشتمل على تدوين إفادات لسبعة مواليدهم بين 1329 و1361هـ، أولهم لا يذكر شيئا عن امتداد الجبلين شرقا، وثالثهم لا يحدد امتداد المروة شرقا بالمتر، وخامسهم لا يعرف شيئا عن امتداد المروة.


والشهادات المعتبرة هي التي يثبتها القاضي بناء على ثبوت عدالة الشهود، والمشهود به أمر خطير يتعلق بعبادة عظيمة هي ركن من أركان الحج والعمرة، والواجب على كل شاهد ألا يتقدم بشهادة في ذلك إلا بعد تحققه وجزمه بمشاهدة امتداد جبلي الصفا والمروة شرقا بمقدار هذه التوسعة ومن التساهل البين أن ينوّه بشهادة الشهود في هذا الصك مع عدم تضمنه ثبوت الشهادات بتزكية الشهود، ومع وضوح أن ثلاثة منهم لا يعلمون شيئا عن امتداد الجبلين أو أحدهما شرقا أصلا أو بمقدار التوسعة.

الثالث:

جاء في بعض تلك المقالات والتصريحات أن الشيخ عبدالله بن جبرين شاهد امتداد الجبلين شرقا في أول حجة حجها، والذي نشر عنه في مجلة الدعوة في عددها الصادر في 26/ 3/1429هـ عدم جزمه بمقدار الامتداد وذلك في قوله (ص38) : " وقد أدركت أصل الصفا في سنة تسع وستين من القرن الماضي ورأيته ممتدا عن حده الذي كان عليه، وإن كنت لا أستطيع تحديد طوله، إلا أنه بلا شك أوسع مما كان عليه لما حدد موضع المسعى" وقوله (ص39) : " ثم معلوم أيضا أن الصفا في الأصل يمتد من جهة الشرق، وقد رأيته أنا قبل ستين سنة في أول مرة حججت فيها البيت، رأيته ممتدا إلى مكان لا أحدده" وأما قوله ( 38) : " وإذا كان القصد من السعي ذكر الله تعالى فإنه يجوز السعي بين الجبلين أو ما يقاربهما وما يحاذيهما؛ لحصول المقصود الذي هو ذكر الله تعالى ..." ففيه نظر؛ لأن السعي بين ما يقارب الجبلين أو يحاذيهما لا يجوز لأنه ليس سعيا بين الصفا والمروة الذي أمرنا بفعله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة (2/ 599) : " لو سعى في مسامته المسعى وترك السعي بين الصفا والمروة لم يجزه".

الرابع:

جاء في بعض تلك المقالات والتصريحات قياس توسعة المسعى على توسعة المسجد، وأن الزيادة في المسجد لها حكم المزيد، فكذلك الزيادة في المسعى، وهو قياس غير صحيح؛ لأن المساجد يجوز توسيعها، والزيادة فيها لها حكم المزيد، وأما المسعى فهو مشعر يتُقيد فيه بما كان بين الصفا والمروة ولا تجوز الزيادة عليه، وإذا وُسع المسجد من الجهة الشرقية بمساحات واسعة فهو داخل في المسجد، وما كان منه بين الصفا والمروة فهو مسعى ومسجد.

الخامس:

جاء في بعض تلك المقالات والتصريحات قياس توسعة المسعى على توسعة المطاف، وأن المطاف قد وُسع عما كان عليه من قبل، فكذلك يوسّع المسعى، فالجواب أن الطواف يجوز داخل المسجد دون خارجه، بخلاف المسعى فإنه لا يجوز توسعته بمساحة خارجة عن كونها بين الصفا والمروة، قال ابن المنذر في الإجماع (ص62) : " وأجمعوا على أن الطواف لا يجزئه من خارج المسجد"، والقياس الصحيح أن يقال إن السعي لا يجزئ إذا كان خارجا عما بين الصفا والمروة، ومع هذا الإجماع فقد قال أحد الكاتبين: إن الطواف يجزئ من خارج المسجد!

السادس:

جاء في بعض تلك المقالات والتصريحات أن حكم الحاكم يرفع الخلاف، والجواب أن القاضي إذا حكم على خصم في مسألة مختلف فيها فليس للمحكوم عليه أن يعترض على حكمه لكون المسألة فيها خلاف، وذلك لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فهل أجران، وإذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر) ) رواه البخاري (7325) ومسلم (4487) ، وهذا الاجتهاد في المسائل التي هي محل اجتهاد، وأما أماكن العبادة فالواجب التقيد فيها بالأدلة الشرعية، ومنها المسعى فإنه لا مجال فيه للاجتهاد بزيادة فيه تكون خارجة عما بين الصفا والمروة.

السابع:

جاء في بعض تلك المقالات والتصريحات أنه بإجراء الحفريات في الجهة الشرقية من المسعى، وجد التمثال بين الصخور التي تحت الأرض وحجارة الصفا والمروة، والجواب أن المعتبر في مسميات الجبال ما كان بارزا فوق الأرض؛ لقول الله عز وجل: {وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ} ، وقوله: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا }، وقوله: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا {105} فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا {106} لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا } ومسميات الجبال يُراد بها كل ما كان بارزا، سواء في ذلك قممها وسفوحها، فمن جلس على قمة جبل أو سفحه يقال: إنه جالس على الجبل، ومن جلس على أرض مستوية قريبة من الجبل لا يقال: إنه جالس على الجبل ولو كانت جذور الجبل ممتدة تحت هذه الأرض المستوية.


الثامن:

جاء في بعض تلك المقالات والتصريحات تجويز الزيادة في عرض المسعى وأنه أولى من الزيادة العلوية فيه، والجواب أن زيادة الأدوار في العلو في المسعى القديم متحقق كونها بين الصفا والمروة لأن الهواء تابع للقرار، فهو مثله في الحكم ومن ملك أرضا فإنه يملك ما يسامتها في الهواء وأما الزيادة في عرض المسعى فهو مشكوك في تحقق صحة السعي فيها إلا بعد الثبوت الشرعي بكون الزيادة داخلة في حدود ما بين الصفا والمروة.

التاسع:

جاء في أكثر تلك المقالات والتصريحات تجويز الزيادة في عرض المسعى إطلاقا وبغير تقييد؛ لما في ذلك من التيسير ومراعاة المصلحة ودفع الحرج، وأنه يقال في ذلك افعل ولا حرج، والجواب أن التيسير ومراعاة مصالح الناس يجب التقيد فيه بالأدلة الشرعية، ومن ذلك أن يتقيد في الزيادة في عرض المسعى بما يثبت أنه داخل بين الصفا والمروة دون زيادة على ذلك؛ لأن أماكن العبادة يجب التقيد فيها بالنصوص الدالة عليها، ومما يبين عدم صحة إطلاق الأخذ بقاعدة التيسير ورفع الحرج دون تقيد بالنصوص الشرعية أن المريض يجوز له أن يجمع بين الصلاتين لورود الدليل عليه، ولا يجوز له قصر الصلاة الرباعية مع أن فيه تيسير لعدم ورود ما يدل على ذلك.

العاشر:

ومن أعجب ما جاء في تلك المقالات قول أحدهم كما في مجلة الدعوة العدد2145 بتاريخ 24/ 5/ 1429هـ، ( ص37) : " ولو كانت التوسعة على شكل هلال يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة لانتهت المشكلة برمتها! فالساعون الأولون في هذه الحال يسعون في الوسط في خطوط مستقيمة، ثم الذين عن يمين المسعى ( شرق) يسعون على شكل هلال، بحيث يبدأون بالصفا ولو من جانبه الشرقي، ثم يتوجهون إلى المروة على شكل هلال حتى يصلونه ( كذا) من الجانب الأصل، فهم يبدأون بالوقوف بالصفا ثم ينتهون عند المروة ، وهذا ما أمر الله به! ".


وهذا فقه جديد ، ومن أخذ به يكون محروما من السعي بين الصفا والمروة، فإن سعى من الصفا بادئا من جهته الشرقية ومضى على شكل هلال حتى جاء المروة من الجهة الشرقية لا يكون ساعيا بين الصفا والمروة.

ثم قال هذا الكاتب: " ومما يؤيد هذا أن الطواف حول البيت يتسع على شكل دوائر، ولم يقل أحد من أهل العلم: يحب أن لا يزيد مساحة الطواف عن كذا وما دام الطواف حول الكعبة فهو طواف، وكذلك ما دام يطوف بالصفا والمروة فهو طواف ولو ابتعد! ".

وهذا قياس فاسد؛ لأن الطواف بالبيت صحيح بإجماع العلماء ما دام في داخل المسجد سواء كان قريبا من الكعبة أو بعيدا عنها كما مر نقله عن ابن المنذر، وأما السعي فهو مقيد بكونه بين الصفا والمروة، ولا يدخل في البينية السعي على شكل هلال ولو ابتعد كما زعم!


وأما لمزه بعض من لا يقول بالتوسعة الجديدة بأنه " يرى قبول شهادة الواحد إذا ما شهد بإهلال هلال رمضان وردَّ تقرير ألف عالم في الفلك يشهدون أن الهلال لم يهل"فلا أدري هل فكر هذا الكاتب في معنى هذا الكلام أو لم يفكر؛ فإن مقتضاه الأخذ بكلام الفلكيين وعدم الأخذ بقوله صلى الله عليه وسلم : " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" ! وهل يستساغ هذا ممن وصفته الصحافة بالمحدث؟! وهذا أيضا من الفقه الجديد!


الحادي عشر:

أن من الحاقدين على ولاة الأمر في هذه البلاد وعلمائها من يلغ في أعراضهم ويتناولهم بالذم والتنقص، ومن ذلك وصف هيئة كبار العلماء في هذه البلاد بأنهم يقولون الشيء الذي يريده السلطان، وفي قول غالبية هيئة كبار العلماء بالاقتصار على المسعى القديم مع زيادة أدواره وعدم توسعته عرضا ما يبطل افتراءات المغرضين.


هذا ما أردت التنبيه عليه بعد الوقوف على كثير مما كتب حول توسعة المسعى، ومن أحسن ما وقفت عليه بحث بعنوان " كلمة حق في توسعة المسعى" منشور في الشبكة العالمية للدكتور صالح بن عبدالعزيز سندي، وأسأل الله للجميع التوفيق والسداد، وأسأله تعالى أن يجزي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على ما بذله من جهود في تيسير أداء الحجاج في مبادرته إلى إقامة جسر الجمرات، وعلى ما أراده من التيسير في السعي بين الصفا والمروة، والمأمول منه حفظه الله الأمر بزيادة أدوار المسعى في أدوار المسعى القديم ذهابا وإيابا، والمأمول منه أيضا المبادرة إلى توسعة المطاف.


والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
6/ 6/ 1429هـ
عبد المحسن بن حمد العباد البدر

1

الأحد، 1 يونيو 2008

بهذا يحصل الاطمئنان لصحة السعي في التوسعة الجديدة للمسعى بقلم فضيلة الشيخ العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله

بهذا يحصل الاطمئنان لصحة السعي في التوسعة الجديدة للمسعى
بقلم
فضيلة الشيخ العلامة
عبد المحسن العباد البدر حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

بهذا يحصل الاطمئنان لصحة السعي في التوسعة الجديدة للمسعى

الحمد لله وحده وصلى الله وسلم وبارك على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
وبعد،
فقد اطلعت على ما كتبه الأخ الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع،
عضو هيئة كبار العلماء عن الزيادة الجديدة في المسعى الذي نشرته

صحيفة الجزيرة في عددها (12953) في 8/3/1429هـ،


وقد ذكر أنه سئل عشرات المرات عن السعي في المسعى الجديد الذي أمر بإنشائه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظة الله،

وأنه استخار الله في الإجابة عن ذلك،


لاسيما والمسألة الآن صارت محل أخذ ورد واختلاف في الفتوى بين منع وإجازة


مما أوجد بلبلة وقلقا واضطرابا بين عموم الناس،


وذكر أنه كان ممن يرى عدم توسعة المسعى،

وأنه قامت البينة العادلة من سبعة شهود يتبعهم ثلاثة عشر شاهدا


يشهدون بمشاهدتهم جبل الصفا

ممتدا امتدادا بارتفاع مساو لارتفاع الصفا حاليا

وذلك نحو المشرق إلى أكثر من عشرين متراً عن جبل الصفا الحالي،

وكذلك الأمر بالنسبة لجبل المروة،

وشهادتهم صريحة في امتداد الجبلين – الصفا والمروة –

شرقاً امتداداً متصلاً وبارتفاعهما،


وأنه لذلك رجع عن قوله

بعدم جواز التوسعة إلى القول بصحة السعي في التوسعة الجديدة لوقوعها بين جبلي الصفا والمروة.


بعد ذكر هذا التلخيص


من كلام الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع،


أقول :

إني أتمنى أن يثبت امتداد جبلي الصفا والمروة شرقا بمقدار التوسعة الجديدة


لأن الواجب هو السعي بين الصفا والمروة

سواء في ذلك ما كان موجوداً من قبل

وما زيد عليه مما يكون بين الجبلين


وكون المسعى القديم هو الذي يسعى فيه الناس من قديم الزمان

لا يمنع من السعي في الزيادة الجديدة

إذا ثبت وقوعها بين جبلي الصفا والمروة،

لأن الناس في ما مضى لم يكونوا بحاجة إلى السعي في غير المسعى القديم، والآن وفي هذا الزمان هم بحاجة إلى هذه التوسعة.


وقد بلغني أن الصك الذي سبق أن صدر من محكمة مكة

اشتمل على إفادة بعض كبار السن

الذين رأوا امتداد جبلي الصفا والمروة من الجهة الشرقية،

وليس فيه إثبات شهادتهم

لأن الثبوت يتطلب إثبات الشهادة وتزكية الشهود،

والبلبلة التي أشار إليها الشيخ عبد الله المنيع

لا تزال باقية

حتى يثبت الحكم

بامتداد الجبلين بمقدار الزيادة الجديدة

وذلك بأن يصدر بذلك بيان من جهة شرعية عليا هي هيئة كبار العلماء

أو اللجنة الدائمة للإفتاء وبذلك تنتهي البلبلة والاضطراب.

وكما أن زمن العبادة

وهو دخول شهر رمضان وخروجه ودخول شهر الحج

يثبت ببيان من مجلس القضاء الأعلى


فكذلك مكان العبادة وهو المسعى يكون اطمئنان الناس إلى ثبوته ببيان من هيئة كبار العلماء أو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.



وقد كتبت لخادم الحرمين الشريفين بتاريخ 21/12/1427هـ، كتابا على إثر إعادة إنشاء جسر الجمرات .. قلت فيه:


" وبعد،
ف
إن من فضل الله عز وجل على أهل الحرمين وسائر سكان الجزيرة العربية عموماً
وعلى أسرة آل سعود خصوصا
أن مكن لهذه الأسرة في هذه البلاد بقيادة الرجل الهمام والبطل المقدام والليث الضرغام الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود
غفر الله له ورحمه،

الذي جمع الله به شتات هذه البلاد المتفرقة ووحدها على يديه باسم المملكة العربية السعودية،

وقد لقي الحرمان الشريفان عناية واهتماما منه رحمه الله ومن أبنائه الذين ولوا الأمر من بعده، فالملك عبد العزيز رحمه الله حقق الله على يديه هذه المكاسب العظيمة،
وهي ولاية هذه الأسرة على الحرمين الشريفين وخدمتهما وتسهيل الحج والعمرة والزيارة لقاصديهما، والملك سعود رحمه الله حصل في عهده توسعة المسجدين الشريفين المسجد الحرام والمسجد النبوي، والملك فيصل رحمه الله حصل في عهده توسعة المطاف وإزالة بناء زمزم والبنايات التي على أطراف المقام مما حصل به تسهيل الطواف حول الكعبة مع كثرة الأعداد التي تفد للحج والعمرة،

والملك فهد رحمه الله حصل في عهده توسعة واسعة للمسجد النبوي وزيادة في توسعة المسجد الحرام.

وقد جاء في المثل :
" كم ترك الأول للآخر" فقد بقي لكم حفظكم الله أهم شيء :

وهو العمل على تخليص الحجاج من شدة الزحام عند الجمرات وفي المطاف وفي المسعى،


وقد وفقكم الله في هذا العام الذي أوشك على الانصرام
للمبادرة إلى إزالة جسر الجمرات وبنائه من عدة أدوار
تحققت الاستفادة في حج هذا العام بما نجز منه،
وهو بدروم الخدمات والدور الأرضي والدور الذي فوقه،

ومع كون البناء لم يكتمل فإنه لم يذكر شدة زحام في استعمال هذا الذي نجز منه، فكيف إذا تم البناء ؟!


وأما المسعى فإن الاقتراح الذي ذكره الشيخ عبد الله بن منيع أنه قدمه لمقامكم الكريم

وجبه


وهو فصل المسعى في الدور الأرضي إلى دورين

والدور الذي فوقه إلى دورين

فيكون السعي في هذه الأربعة مع الخامس وهو السطح

وبذلك يتخلص من شدة الزحام


إذا أمكن تنفيذ هذا الاقتراح،

وإن لم يمكن فإن الحاجة داعية إلى إزالته وإنشائه من جديد من عدة أدوار.

وأما توسعة المطاف فهي أهم شيء ادخره الله لمقامكم الكريم،
وذلك بإزالة البناء المقبب ومساواة أرضه بأرض المطاف،


وأن يقام عليه دور على شكل دائري على أعمدة متباعدة

يطوف الناس عند الزحام بين هذه الأعمدة وفي الدور الذي فوقها،


ويكون في نهاية هذه الدور من جهة الكعبة مكان محجوز لسير العربات التي يطاف عليها.


والمأمول من مقامكم الكريم

المبادرة إلى تحقيق هذه التوسعة للمطاف والمسعى لتظفروا بالأجر العظيم وشرف تنفيذ هذا العمل الجليل.
حفظكم الله ورعاكم ووفقكم لكل خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته




وبعد البدء بالتوسعة الجديدة للمسعى كتبت لخادم الحرمين الشريفين حفظه الله كتاباً بتاريخ 3/7/1428هـ، قلت فيه "والسعي في المسعى الحالي متحقق بكونه بين الصفا والمروة وهو الذي قرره ستة عشر من هيئة كبار العلماء،


وأي زيادة عليه من جهة الشرق يحتاج فيها إلى بينة تثبت


وقوعها بين جبلي الصفا والمروة يعتمدها مجلس هيئة كبار العلماء


وإذا لم توجد بينة معتمدة من مجلس الهيئة


فإن البراءة لذمتكم – حفظكم الله – والاطمئنان إلى صحة سعي الساعين بين الصفا والمروة من الحجاج والمعتمرين يكون بالاقتصار على المسعى الموجود


مع زيادة الأدوار الكافية التي يتخلص بها من الزحام لا سيما وأن كل من يعلم بقرار غالبية هيئة كبار العلماء بعدم جواز الزيادة على المسعى الموجود لا يرى براءة ذمته إلا بالسعي في المسعى الحالي".



أقول: وقرار غالبية هيئة كبار العلماء بعدم الزيادة على المسعى القديم



مبني على ما قرره الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله ومن معه من المشايخ،



وقد ذكر الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله أنه حضر اجتماعات الشيخ محمد بن إبراهيم مع عدد من مشايخ نجد والحجاز في حج عام 1375هـ، وأنهم بحثوا مسائل تتعلق بالمشاعر ومنها توسعة المسعى فقال رحمه الله في رسالة منه للشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل بتاريخ 21/12/1375هـ، مثبتة ضمن رسائل الشيخ ابن سعدي للشيخ عبد الله بن عقيل المطبوعة بعنوان الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة ص 293 جاء فيها:



"وكذلك المسعى منهم من قال إن عرضه لا يحد بأذرع معينة، بل كل ما كان بين الصفا والمروة فإنه داخل في المسعى كما هو ظاهر النصوص من الكتاب والسنة، وكما هو ظاهر فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن بعدهم، ومنهم من قال يقتصر فيه على الموجود، لا يزاد فيه إلا زيادة يسيرة يعني في عرضه، وهو قول أكثر الحاضرين.



ويظهر من حال الشيخ محمد


أن يعمل على قول هؤلاء لأنه لا يحب التشويش واعتراض أحد".


والحاصل أن الاختلاف بين من ينتسب للعلم في توسعة المسعى يبقى معه الاضطراب والبلبلة،


والفصل في ذلك يكون بصدور فتوى من جهة شرعية عليا هي هيئة كبار العلماء أو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء ينتهي بها القيل والقال والأخذ والرد،

وأسأل الله عز وجل أن يوفق الجميع لما يرضيه والحمد لله رب العالمين.


عبد المحسن بن حمد العباد البدر